مدينة كسلا

تعتبر مدينة كسلا من أشهر مدن شرق السودان حيث تقع حسب إشارات هيئة الإرصاد الجوي بين خطي عرض 28 – 15 درجة شمالاً وخطي طول 36 – 24 درجة شرقاً ويميز المدينة ارتفاعها الذي يبلغ 3960 قدم فوق سطح الأرض.

يحدها من الجهة الجنوبية الشرقية جبال التاكا بينما يحدها من الجهة الشمالية الشرقية جبل مكرام .

يقسم مدينة كسلا (خور) نهر القاش إلى شرق القاش وغرب القاش وهذا القسم الغربي لنهر القاش يعد من أكبر مناطق السودان استخداماً للمياه الجوفية وتسيطر الزراعة على أكبر مساحته ، ويقدر مخزون هذا النهر من مياهه الجوفية التي يرسبها بستمائة مليون متر مكعب سنوياً ولعل هذا ما يفسر المقولة : كسلا هبة القاش .

خلفية تاريخية اجتماعية :

تشعبت الآراء حول مسمى مدينة كسلا فقد ذكر الأستاذ / محمد الأمين شريف (عليه رحمة الله) (1996م (2 – 22) في كتابه تاريخ مدينة كسلا “أن المثبت بحسب المصادر الموثوق بصحتها هو : قدم التسمية ، فقد ورد الاسم في الوثيقة ، التي ألحقها الدكتور مصطفى مسعد بكتابه (الإسلام في الغربة) وتحكي الوثيقة التي ورد فيها اسم الجبل (كسلان) ولعل ذلك يوحي بوجود جذور أبعد لمعاني هذه التسمية ، التي تكون مستمدة من لغات المجموعات التي سبق أن سكنت في المنطقة مثل : البازا والباريا والإيليت وغيرهم . كما أن هناك مقوله أخرى ذكرها عثمان أحمد عيسى (1986م : 7 – 8 ) في كتابه (عن تاريخ إمارة الحلانقة) في المسمى ، أشار فيه إلى أن أول من أطلق على المنطقة اسم كسلا ، هم الحلانقة واسم (كسلا) مشتق من كلمة (كاسا الول) وهو اسم لأمير من أمراء  الحبشة قتل على يد الحلانقة في مكان يسمى (ربا – كاسا) في وادي بشمال مدينة كسلا الحالية . وقد أكد ذلك عمدة مدينة كسلا العميد ركن (م) معتصم بابكر أحمد جعفر نقلاً عما سمعه من أجداده وأي كان نميل لرأي محمد الأمين شريف المتمثل في قدم التسمية ” .

النشأة والتطور لمدينة كسلا :

أشار محمد الأمين شريف (1996م : 22 – 23) أنه لم تكن توجد أي مدينة أو قرية ذات مظهر حضاري قبل تاريخ 1821م ، الذي اختط فيه الإمام محمد عثمان الميرغني الختم قريته (السنية) والتي عرفت فيما بعد بحي الختمية – معقل الطريقة الختمية – وذلك بوضع أول أساس حضاري فيها ببناء مسجده المشهور الذي يعتبر أكبر مسجد في ذلك الوقت في السودان قاطبة ، والذي تم افتتاحه – على أرجح الروايات – في عام 1883م وأثاره الكائنة الآن بالقرب من سفح جبل التاكا تأكد ضخامة وعظمة هذا المسجد التحفة أما عن بداية نمو مدينة كسلا كان في عام 1841م أثناء الحكم التركي المصري ، حيث جذبت المدينة أعداداً كبيرة من الناس من مناطق السودان المجاورة ومن خارج السودان ، إما للخدمة في أعمال الدولة ، أو في التجارة ، أو الزراعة البستانية فأصبحت تضم عناصر شتى من قبائل السودان وغيرهم من المهاجرين من دول أخرى ، وخاصة بعد أن صارت عاصمة لمديرية التاكا بالإضافة للقبائل المحلية الرئيسية من هدندوة وملهتكناب وحلنقة وبني عامر وحمران والقدين وبعض القبائل النيلية (بازا ، باريا ، إيليت) .

وعن التعليم المدني فقد ذكر د. محمد عمر بشير (1970م : 44) بأن افتتاح مدرسة الأميرية الأم كان في العام 1863م والتي تعتبر من المدارس الخمس الأول للتعليم النظامي في عواصم مديريات السودان آنذاك (الخرطوم ، بربر ، دنقلا ، الأبيض) بالإضافة لعاصمة مديرية التاكا مدينة كسلا .

ومن أهم الأحداث التي مرت على مدينة كسلا فقد أورد محمد الأمين (1996م : 215) أنه قد تم احتلالها من قبل الطليان في عام 1894م ، واستمر هذا الاحتلال ثلاث سنوات ونصف السنة ، ثم بعد ذلك خضعت للحكم الثنائي الإنجليزي المصري حتى الاستقلال 1956م ، الذي شارك فيه نفر كريم من أبناء مدينة كسلا كجبارة العوض وغيره .

تعتبر مدينة كسلا من المدن السياحية في السودان ، وذلك لروعة جبالها الشماء وخضرة سواقيها النضرة ، ورمال نهرها الموسمي ، عبقرية المكان التي الهمت الشعراء من أبنائها والوافدين ، وكانت إبداعاتهم الشعرية باللغات المحلية (تبداوي – تقري) واللغة العربية ، فهاهو الدكتور جعفر ميرغني في قصيدته السحر في كسلا يقول :

ما ابتغى من قريض الشعر في زحلة   **  **    وقد رأيت بعين السحر في كسلا